يتجه الجزائريون، غداً السبت، إلى صناديق الاقتراع للتصويت بالانتخابات الرئاسية المسبقة، التي تتجه فيها كل المُؤشرات لتجديد عهدة الرئيس الحالي عبدالمجيد تبون ، المدعوم من طرف الجيش والبرلمان بغرفتيه والأحزاب المهيمنة على المشهد السياسي في الجزائر، إضافة إلى المنظمات والإعلام ورموز الرياضة والفن والثقافة والرموز الثورية.
ويُتنافس الرئيس عبد المجيد تبون، الذي شغل منصب وزير طيلة فترة حكم الرئيس المخلوع عبدالعزيز بوتفليقة، لغاية سنة 2017 أين تم تعيينه وزيراً أولاً ، قبل إزاحته منه بعد عودته من عطلة قصيرة قضاها بباريس، مرشحين، من تيارات حزبية وإيدلوجية متعارضة ينحدرون من تيارات سياسة مختلفة.
وتجرى الانتخابات تحت إشراف للسلطة الوطنية المستقلة للانتخابات التي أنشئت عام 2019، وحلّت محل السلطات الإدارة، في خطوة إصلاحية رمت إلى ضمان نزاهة العمليات الانتخابية.
واختارت السلطة المستقلة اختارت عبارة "ساهم في تثبيت المسار الديمقراطي الانتخابي" كشعار رسمي لهذا السباق، أرادت من خلاله حث الناخبين على المشاركة القوية والإدلاء بأصواتهم.
وفي 21 مارس الماضي قرر الرئيس عبد المجيد تبون التعجيل بتنظيم الانتخابات الرئاسية عن موعدها في ديسمبر المقبل، وبرر ذلك "بأسباب تقنية محضة".
وستفتح صناديق الاقتراع، ابتداء من الساعة الثامنة صباحا (9:00 ت.غ)، في 7 سبتمبر الجاري، لتغلق على الساعة الثامنة مساء (21:00 ت.غ).
3 مدارس سياسية
ووسط عزوف، مرتقب، أشار إليه وزير الداخلية، الذي يشغل مدير حملة الرئيس عبدالمجيد تبون، إضافة إلى زعيم حزب البناء الوطني ، عبدالقادر بن قرينة، أشد الداعمين للمترشح تبون، تم استدعاء 24 مليون و351 ألف و551 ناخب إلى الإدلاء بأصواتهم والاختيار بين ثلاثة مرشحين ينتمون لمدارس سياسية مختلفة.
ودخل الرئيس المنتهية ولايته عبد المجيد تبون (78 عاماً) السباق بصفته "مرشحا حرا" أي أنه ليس مرشح حزب معين، ودائما ما يردد أنه مرشح جميع الجزائريين، وخاصة الشباب والطبقة المتوسطة والضعيفة.
وينتمي تبون إلى مدرسة التيار الوطني، وهو خريج المدرسة الوطنية العليا للإدارة، وتدرج في المسؤولية السامية بوزارة الداخلية، أهمها والي بعدة محافظات، ليشغل حقائب وزارية، أهمها وزارة السكن، قبل أن يعين عام 2017 وزيرا أول، بعدما نال وسام الاستحقاق الوطني، منحه إياه الرئيس السابق عبدالعزيز بوتفليقة.
وفاز تبون في الانتخابات الرئاسية لعام 2019، بنسبة 58 بالمئة من الأصوات، ويحظى بدعم عشرات الأحزاب، أهمها أحزاب الأغلبية في البرلمان، إلى جانب كبرى التنظيمات الوطنية.
ووعد تبون بتحقيق نهضة اقتصادية واجتماعية، تسمح ببلوغ 400 مليار دولار كناتج إجمالي داخلي خام، في آفاق 2027، وبناء 2 مليون وحدة سكنية ودعم الفئات الضعيفة.
أما المرشح عبد العالي حساني شريف (58 عاماً)، فهو رئيس حركة مجتمع السلم، أكبر حزب إسلامي في الجزائر ، والذي دائما ما نسب إلى مدرسة الإخوان المسلمين.
شريف، وهو مهندس دولة في الهندسة المدنية، انتخب عام 2023 ليكون رئيسا للحزب خلفا لعبد مقري، لينال ثقة مجلس الشورى، في الترشح للرئاسيات، متخذا "فرصة" شعارا لحملته الانتخابية.
ويحظى شريف بدعم بعض أبناء مدرسة التيار الإسلامي، على غرار حزب "النهضة"، ويركز في برنامجه على إجراء إصلاحات دستورية عميقة بمنح صلاحيات واسعة للبرلمان، وإقرار إصلاحات دستورية وجعل البلاد "دولة محورية" في السنوات القادمة.
أما يوسف أوشيش (42 عاماً)، السكرتير الأول لحزب جبهة القوى الاشتراكية، فهو خريج العلوم السياسية، اشتغل صحافيا ثم ملحقا برلمانيا، ليصبح فيما بعد رئيسا للمجلس الشعبي الولائي بولاية تيزي وزو، وحاز على تزكية الحزب، للترشح لهذه الرئاسيات بشعار "رؤية للغد".
ويقترح في برنامجه إصلاحات دستورية عميقة تسمح بتعزيز الحريات وتدعم لامركزية السلطة، ويتعهد بمضاعفة الرواتب والأجور، وبحل البرلمان وإعادة تنظيم انتخابات تشريعية في السداسي الأول من عام 2025.
وفي ظل غياب مؤسسات مختصة بإجراء استطلاعات للرأي في الجزائر، يتوقع معظم المراقبين فوز تبون بولاية ثانية مدتها 5 سنوات.
محاربة المال الفاسد
وعرف التحضير للانتخابات الرئاسية المسبقة، مشهد فساد، كشف عنه القضاء وتورط فيه بعض الراغبين بالترشح.
ومطلع الشهر الماضي أعلن مجلس قضاء الجزائر ، عن إيداع 68 شخصيا، الحبس المؤقت، في قضية شراء التزكيات، مع وضع 3 راغبين في الترشح تحت نظام الرقابة القضائية.
جاء ذلك على إثر تحقيق معمق، أفاد بقيام بعض الراغبين في الترشح في شراء استمارات تزكيات الاكتتاب الفردي، الواجب تقديمها ضمن ملف الترشح، وهو ما يتعارض مع قانون الانتخابات وقانون مكافحة الفساد.
في المقابل، عبرت الحملة الانتخابية لكل من عبد العالي حساني شريف ويوسف أوشيش، عن استيائها مما أسمته، انحياز بعض وسائل الإعلام، لصالح المرشح عبد المجيد تبون، وقدمت شكاوي لسلطة الانتخابات.
والاثنين، بدأ الناخبون الجزائريون خارج البلاد، ويفوق عددهم 865 ألف مسجل، التصويت في الانتخابات الرئاسية المبكرة المقررة بالداخل في 7 سبتمبر الجاري.
والأربعاء، بدأت عملية الاقتراع عبر المكاتب المتنقلة، المخصصة للبدو الرحل، والمقدر عدد المسجلين منهم في القوائم الانتخابية بـ 116 ألفاً و64 ناخباً مسجل في 134 مكتب تصويت.
انتقادات حقوقية
واتهمت "منظمة العفو الدولية" في تقرير لها، في 17 أوت 2024، السلطات الجزائرية بقمع الحق في حرية التعبير والتجمع السلمي على مدى السنوات الخمس الماضية.
وأشار التقرير إلى ما أسماه بـ "استهداف الأصوات المعارضة الناقدة، سواء كانت من المحتجين أو الصحفيين أو أشخاص يعبّرون عن آرائهم على وسائل التواصل الاجتماعي".
كما اتهمت "منظمة العفو الدولية" السلطات الجزائرية باستخدام "تهم لا أساس لها بالإرهاب لقمع الأشخاص الذين يعبرون عن المعارضة".