من المتوقع أن يواجه الاقتصاد السوريـ بما فيها عملة الليرة السورية وجهود إعداة الإعمار وإعادة بعث الإستثمار، تحديات جمة نتيجة العقوبات الغربية المفروضة على البلاد منذ عقود.
ومع سقوط نظام البعث الذي عمّر 61 عاما في 8 ديسمبر الجاري، تطرح عديد التساؤلات حول مستقبل الإقتصاد السوري في ظل هذه العقوبات وتأثيرها على الشعب السوري.
وكان الهدف من قرارات العقوبات المختلفة ضد نظام البعث لأسباب مثل الحرب الأهلية في سوريا والعنف ضد المدنيين وانتهاكات حقوق الإنسان وجرائم الحرب ودعم المنظمات الإرهابية، هو وقف عنف النظام في البلاد والتحول إلى عملية الإصلاح.
لكن هذه العقوبات التي سعت لإضعاف نظام عائلة الأسد ومعاقبته لانتهاكات حقوق الإنسان، خلقت أيضا عبئا كبيرا على الشعب السوري.
ومع سقوط نظام الأسد، لم يبقَ أي معنى للإجراءات التقييدية المختلفة التي فرضتها الدول الغربية على سوريا.
وتؤثر الإجراءات التي اتخذتها العديد من الدول والمنظمات الدولية بصورة كبيرة في الوضع الاقتصادي والسياسي في سوريا وتجعل إعادة تطوير البلاد وانتعاشها أمرا عسيرا.
عقوبات أمريكية منذ 1979
وبحسب المعلومات التي جمعت من وزارتي الخارجية والخزانة الأميركيتين، فإن العقوبات على سوريا بدأت في ديسمبر 1979، عندما صُنفت سوريا "دولة داعمة للإرهاب".
وأدت هذه العقوبات إلى فرض حظر على الصادرات والمبيعات الدفاعية، وبعض الضوابط على تصدير المنتجات ذات الاستخدام المزدوج المدني والعسكري على حد سواء، إضافة إلى قيود مالية مختلفة.
وفي ماي 2004 طُبقت قيود إضافية على الواردات والصادرات مع تنفيذ القانون الأمريكي "قانون محاسبة سوريا واستعادة السيادة اللبنانية".
ومع اندلاع الحرب الأهلية في سوريا عام 2011 أصبحت العقوبات أكثر شمولا، وكانت الخطوط الرئيسية لهذه العقوبات هي الحظر التجاري على قطاعات الطاقة والمالية التي توفر الدخل لنظام بشار الأسد، وتجميد أصول كبار المسؤولين ومنع الشركات الأمريكية من التعامل مع سوريا.
توسيع العقوبات بقانون قيصر
اتسع نطاق العقوبات مع إصدار "قانون قيصر لحماية المدنيين في سوريا"، أو بعبارة مختصرة "قانون قيصر" الذي وقعه الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب في ديسمبر 2019 ودخل حيز التنفيذ في جويلية 2020.
وكان موظف منشق عن النظام ملقب بـ "قيصر" سرب صورا لنحو 11 ألف جثة لأشخاص قُتلوا تحت التعذيب في الفترة بين ماي 2011 وأوت 2013، وكشفت الصور عن أساليب التعذيب التي تعرض لها المعتقلون في معتقلات النظام.
وتهدف العقوبات الأمريكية، لا سيما المفروضة على قطاعي البناء والطاقة، إلى زيادة صعوبة بقاء النظام اقتصاديا.
وكان البنك المركزي السوري أيضا هدفا للعقوبات المفروضة على الحكومة من أجل إعاقة القدرة التمويلية لنظام الأسد.
عقوبات الاتحاد الأوروبي
وقامت دول الاتحاد الأوروبي بسن العديد من التدابير التقييدية لإنهاء عنف نظام البعث ضد المدنيين، وإجبار النظام على الإصلاح، ووقف انتهاكات حقوق الإنسان، وتعزيز التحول السياسي السلمي.
وعقب تصاعد العنف والمستويات "غير المقبولة" من انتهاكات حقوق الإنسان في سوريا، علق الاتحاد الأوروبي جميع أشكال التعاون الثنائي مع الحكومة ومؤيديها في سوريا وفرض عقوبات في ماي 2011.
وقام الاتحاد الأوروبي، الذي فرض عقوبات اقتصادية مختلفة على سوريا، بفرض حظر على الأسلحة.
كما حُظرت واردات النفط الخام والمنتجات النفطية من سوريا، في حين فرض حظر على الاستثمار في صناعة النفط بالبلاد وشركات إنتاج الكهرباء.
تجميد أصول البنك المركزي السوري لدى الاتحاد الأوروبي
وفرض الاتحاد الأوروبي قيودا على تصدير المعدات والتقنيات التي يمكن لنظام الأسد استخدامها للقمع، فضلا عن تقنيات المراقبة أو التنصت على الإنترنت أو الاتصالات الهاتفية.
ولم يُسمح للمؤسسات المالية في سوريا بفتح فروع أو شركات تابعة في الاتحاد الأوروبي.
وكان قرار تمديد العقوبات الذي يهدف إلى الضغط على نظام البعث وإحداث التغيير في البلاد قد اتخذ في 28 ماي 2024.
وتنتهي عقوبات الاتحاد على سوريا والتي يتم تجديدها كل عام، في الأول من جويلية 2025، ما لم يتم اتخاذ قرار جديد.
مناقشات العقوبات في الاتحاد الأوروبي
ومنذ انهيار نظام البعث في سوريا في 8 ديسمبر الجاري، دارت مناقشات في الاتحاد حول ما إذا سيتم رفع العقوبات التي تستهدف النظام.
وتتوقع دول الاتحاد الأوروبي التي لم تحدد بعد موقفا واضحا، أن تنهي الإدارة السورية الجديدة نفوذ إيران وروسيا في البلاد.
ورغم عدم ذكر ذلك صراحة، إلا أنه يعد شرطا لرفع العقوبات، ويطالب الاتحاد الأوروبي أيضا بتشكيل حكومة شاملة في سوريا واحترام سلامة أراضي البلاد وحقوق الأقليات.
آثار العقوبات على الشعب السوري
ورغم منح بعض الإعفاءات للغذاء والدواء والمساعدات الإنسانية في ظل العقوبات المفروضة على سوريا، إلا أن الصعوبات البيروقراطية في إيصال هذه المساعدات تحول دون تخفيف آثارها على الشعب السوري.
ومن المتوقع أن يكون لرفع العقوبات المفروضة على سوريا فوائد مختلفة للبلاد، وأن يعجل الانتعاش الاقتصادي في سوريا ويساعد على تنميتها.
الوكالات/س.ب